خيال رضوان
كان رضوان من المتذمرين الذين لا يرضون بالأشياء كما هي ، فلو رأى الشمس طالعة تنثر حرها ، تمنى لو كان الطقس باردا ممطرا ، و لو امطرت الدنيا حتى و لو مطر خفيف لدعا الله عز وجل أن يصحو الجو و تطلع الشمس ثانية .
و حدث ذات يوم من الأيام ما ساعد على خلاص رضوان من تذمره .
إذ اتفق مرة أن كان مستلقيا يطلب الراحة في ظل شجرة بلوط هائلة ، وفكر رضوان في شجرة البلوط الضخمة هذه ، فتذمر لأنها كبيرة وضخمة ، و ثمرتها صغيرة ، و تذمر أيضا لأن القرعة التي خطرت بباله حينئذ كبيرة ، و شجرة القرع شجرة صغيرة ، و تمنى لو تغيرت الأمور ، و أصبحت القرعة هي ثمرة شجرة البلوط ، و أصبحت ثمرة البلوط هي ثمرة شجرة القر ع .
و لم يلبث رضوان أن نام ، و هبت ريح قوية أثناء نومه ، فأسقطت عددا من ثمار البلوط ، اصابته حبة منها في أنفه ، فاستيقظ من نومه منزعجا مذعورا مستغربا ، و جعل يبحث حوله لعله يكتشف السبب الذي أيقظه فرأى ثمر البلوط منثورا هنا و هناك ، فأدرك ما حدث
و فكر رضوان في الأمر ، و تأمل طويلا ، و كانت نتيجة تفكيره هذا أنه لم يشعر بالتذمر بعد ذلك على الاطلاق .
إذ لو كانت ثمرة البلوط كبيرة كالقرعة و سقطت و أصابت انفه ، إذن لكسرته ، و أصابت رأسه أثماء نومه .
و هكذا الانسان لا يرضى بما قسم له .