العصفور العجوز في مصيدة البوليس
اسمه محمود علي الصاوي ، هل تعرفه
إذا كنت من تجار المخدرات فستعرفه قطعا لأنه مصدر خير لك ,
و إن كنت ضابطا في مكتب مكافحة المخدرات ، فستعرفه كذلك أنه مصر شر لك .
إنك لست من تجار المخدرات ، و لا أنت ضابطا في مكتب المخدرات ، إذا فأنت لا تعرفه .
اسمه محمود علي الصاوي سنه أكثر من ستين سنة
صناعته تاجر مخدرات
قصته أرويها لك :
و هي ليست قصة تنتهي بانتهاء هذه السطور ، بل هى أكثر من ذلك .
هي قصة الربح الحرام السهل ، و المال الذي يقود إل الجريمة .
و هي قصة تحمل في ثناياها جوابا على الاسئلة التي كثيرا ما تدور في أذهاننا عن تشديد العقوبات في التشريعات الجديدة
فأنت ترى انسياق ( العصفور العجوز ) في تيار الجريمة ، إنما كان مبعثه أن عقوبة الاتجار بالمخدرات كانت مخالفة في يم من الأيام .
و منذ هذ اليوم و الصاوي يتاجر في هذه السموم
و هذه هي قصته
قصة العبقرية المجنونة عندما تنظم لتقف ضد القانون ، إنها تنتهي دائما بصاحبها بعيدا عن دنيانا ، حيث جريمته.
إلى دنيا آخى فيها عقابه
الحذر
اليوم السبت 7 أبريل و الساعة التاسعة صباحا ، نحن الان في مكتب مكافحة المخدرات بالمبنى أعلى قسم الموسكي ، أصوات عربات الترام و السيارات و الباعة نشمل المكان .و السيارات و الباعة تشمل المكان الذي يطل على ميدان العتبة ، الميدان تشمله الحركة و الصخب ، و في مكتب المخدرات الهدوء و الصمت .
و يرتفع صوت حاد النبرات .. يضغط على الحروف ، يتحدث في تؤدة ، و في ثقة ، و في حرص ، إن الذي يتحدث الآن هو الاميرالي ابراهيم الترساوي مدير مكتب المخدرات ، و قد أنصت البكباشي أحمد الحداقة و الصاغ سعيد محمد سعيد و الصاغ نخنج عبد الله النبراوي و اليوزباشي يحيى طويلة و اليوزباشي سليمان الجاولي ، و أنا ، و يتطكلم المدير قليلا ، و لكنه يشعرك بأهمية العمل الذي سنقوم به بعد لحظات ، إن كلمة واحدة كان يرددها كثيرا : الحذر .
و ينتهي المدير من كلامه ، و نثب درجات السلم وثبا ، و نقف في الميدان الصاخب نبحث عن سيارتنا . و نرى سيارتين مليئتين بالجنود ، جنود قوى الأمن ، و نسأل قائد الحملة البكباشي الحادقة و يجيب في تواضع ، عندما ن\صل سترى لماذا أحرنا هؤلاء ، و أحاول وحدي أن استنتج ، و قبل أن إلى حل ، أرى شيئا آ×ر يجذبني في قوة ، إنها سيارة و بها كلاب ، و انظر إلى البكباشي الحادقة ثانية مستنجدا ، و يبتسم وهو يقول كلاب بوليسية ، و أتظاهر إني فهمت ، فأقول بؤلهجة العارف ببواطن الأمور ، أيزه ، كلاب بوليسية .
في القافلة
القافلة تتحرك ، خارج القلعة ، القلعة ، شارع الأمام الشافعي ، ثم شوارع كثيرة .، لا أستطيع أن اسميها لك ، لأني لا أعرفها ، و فجأة نحن في الصحراء ، القاهرة من خلفنا ، و الجبل أمامنا ,
و لندع سائق السيارة يحاول عبثا أن يبحث في أكوام الرمال ، و نسأل البكباشي الحادقة ، ماذا تسأله ، السؤال الذي لم يفارقني منذ حضرت هو ببساطة . إيه الحكاية ؟ و لكني لا أستطيع ، لا أستطيع أن أظهر هذا الجهل ، فلنحاول أن ( نلف ) و نتظاهر بالوقار ، و تصنع الجد و ننحنح ثم قال :
يظهر أنه شاطر قوي
و يندفع البكباشي الحادقة في الحديث، لقد نجح اللف ، ها هو يتكلم فيروي القصة بحذافيرها .
مخالفة
اسمه محمود على الصاوي ، سنه أكثر من ستين سنة ، صناعته تاجر مخدرات .
بدأ نشاطه مبكرا جدا ، و ضبط أول مرة غي عام 1923 أي منذ 33سنة ، و حكم عليه بالغرامة ، فقد كانت حيازة بالغرامة ، فقد كانت حيازة المخدرات يومئذ مخالفة فقط .
مثل البصق في الطريق مثلا .و غرامة أخرى من أجل المخدرات في نفس العام ، و غرامة ثالثة ، و رابعة عام 1924 ، ة خامسة نفس العام ، و بالحبس ستة أشهر و فرامى 500 جنيه في 1928 ، و كان ضبطه في العريش ، و في غلم 1924 ضبط و معه كمية من الحشيش ، و حكم عليه بالحبس خمس سنوات .
و في سنة 1929 و بعد الافراج عنه بأيام ، قبض عليه و قضى في السجن خمس سنوات مرة ثانية ، خمس سنوات و دفع ألف جميه أخرى ، و خرج من السجن 1944
نشاط
و منذ ذلك الحين و هو يباشر نشاطه ، و ينتقل من نجاح إلى نجاح .. صفته التجارب و حنكته الأيام ، و صار خبيرا في الافلات من القانون ، و ضع تحت المراقبة في 1944 ، ولكن دوم جدوى ، و اتخذ لنفسه حصنا حصينا ، منزل يقع على أربعة أفدنة في هزبة السادات الوثانية بالجبل ، و المنزل مكون من مجموعة من المنازل ، و بل سراديب و مخابئ لا تخطر ببال انسان ، و به مخارج لا يحيك بها الخيال ، و عاش في حصنه الحصين يباشر نشاطه وبزه سمومه ، و ضباط مكتب المخدرات ، يعلمون كل شيء ، و لكن ماذا يصنعون ؟
ذهبوا إلى خمس مرات ، و في كل مرة كان يخرج آمنا من أحد سراديبه .
شماتة :
و تجتمع النسوة لتشيع أفراد القوة بالضحكات ، و بالشماتة ، و يسير الضباط و معهم القانون مطأطئ الرؤوس .
و في 15/ 8 / 1955 صدر أمر باعتقاله لخطورته على الأمن ، و فبرك ضباط المخدات أكفهم ، إذن فقد حانت الساعة للخلاص من هذا الأخطبوط .
و جمعت القوت ، و عادت القوات أما محمود الصاوي فلم يكن معهم بل ظل هناك في حصنه يباشر نشاطه .
وضحكت النسوة ، و أخرجت الفتيات ألسنتهن ، و بلع الضباط ريقهم و سكتوا على مضض
ثم ذهبا القوات ، و عادت ، ، و ذهبت و عادت ، خمس مرات أخرى ، أما محمود الصاوي فلازال هناك ، يسخر من القانون ، ويزيد من نشاطه ،
فرع
و افتتح لنجارته فرعا رئيسيا في القاهرة يستمد بضاعته من خان يونس بفلسطين ، و يوزعها بالعدل و القسطاط بين الوجهين البحري و القبلي
ثم ، كلا ، لقد وصلنا
و توقفت السيارات ، ما هذا الصوت ، صوت غريب كدقات المدافع ، يعلو و يعلو ، شيء غريب ، أه ، آسف أنه صوت قلب ، قلبي أنا ، ثم تطر اني قبل كل شيء واحد من ضباط البوليس ، و أشعر بالشجاعة ، و يهرب القلب لنرى معا ماذا يحدث أمامنا الان عن اليمين عدة بيوت من طابق واحد متصلة ، و عن يسارنا الجبل .
أما في الخلف فهذه مقابر ، و تتفرق القوات في حذار ، و في سرعة ، الأيدي فوق المسدسات ، و الأعين جاحظة ، و الأذان مرهفة ، و تحدث أشياء كثيرة .
أنا ملهوم ، لا أستطيع أن أصفها بالتفصيل ، فهذا الضابط الذي كان يجاس أمامي في السيارة وقورا هادئا ، أنه الآن يسير فوق السور ، يتشعلق في مهارة القرد ، أما البكباشي الحادقة فيجري في خفة ابن العشرين ، و الباقون لقد انشقت الأرض و ابتلعتهم .
الهدوء يشمل المكان ، لا يوجد به غيري و السائقون ، و كلنا ننظر إلى البيت ، و قد غابت فيه الثوات
العصفور العجوز
ما هذا هل سمعت شيئا ؟ نعم بالتأكيد ، أنه صوت حاد ، صوت امرأة ، إنه بكاء ، هل مت أحج ، طلا لا تكن متشائما ،إن صوتا أخر يرتفع ، و ثالث ، ورابع ، إنها مندبة ، إذن لقد نجحت القوة مبروك ، و فعلا يخرج البكباشي الحاقة و بيده الصفور العجوز ، و حوله رجاله ، فقد وقع محمود على الصاوي ، هل عرفته الآن
اسمه محمود علي الصاوي سنه أكثر من ستين سنة
صناعته تاجر مخدرات
و يعود البكباشي الحادقة مرة أخرى و معه الرجال ، إنهم يبحثون عن الأعوان ، و نسمع الصراخ يشتد و يعلو ، لقد وقع عصفور آخر ، و كان معه الحشيش .
و يخرج البكباشي الحادقة و خلفه الرجال و بنهم العصفور ، لم يكن عجوزا هذه المرة ، كان شابا يفيض قوة ، و حيوية ، و حشيش .
تم تطهير المكان ، و لنذهب نحن نتفر ج ، إنها مساكن لا يمكن وصفها في كل مكان منها مخرج ، بواسطة سرداب تحت الأرض يخرجك هذا إلأى الشارع ، و هذا إلى الجبل و ذاك إلى المقابر ، و رابع إلأى المسجد الملحق بالبيت ، مسجد السادات الوثانية ، و به مقام أحد أولياء الله ، و يقال أن الصاوي استعار من و لي الله قبره ذات ليلة عندما زرته القوات ، و للأسف نزل له ولي الله عن مكانه ، فأفلت من القوة .
أما الأبواب فتذكرنا بحصون أمراء الانجليز في العصور الوسطى ، هشرات المزاليج ، هذا يدخل في اليمين و ذاك في الشمال ، و ثالث لأعلى و رابع للأرض ، و في كل مكان مرتفع برج مراقبة ، و في كل لاكن جلسة للشيخ العجوز ، و بجوار القعدة برج مراقبة ، و فجوة تؤدي إل سرداب .
و نخرج من البيت ، و تعود القوات إلى السيارات ، و يصعد محمود الصاوي بين حراسه ، و كذا زميله الذي يقبض حشيشا
اسمه محمود علي الصاوي سنه أكثر من ستين سنة
صناعته تاجر مخدرات