المملكة العراقية الهاشمية:
من التأسيس إلى السقوط (1921–1958 (
المقدمة
يُعَدُّ قيام المملكة العراقية الهاشمية عام 1921 أحد أبرز التحولات السياسية في تاريخ المشرق العربي بعد الحرب العالمية الأولى. فقد ارتبط تأسيسها بالثورة العربية الكبرى، ومقررات مؤتمر القاهرة، والانتداب البريطاني، وصولاً إلى تتويج الملك فيصل الأول. وعلى الرغم من الإنجازات التي حققها النظام الملكي في بناء مؤسسات الدولة الحديثة، فإن ارتباطه الوثيق بالسياسات البريطانية، وتناقض التوجهات الداخلية، والتدخلات الإقليمية، كلها عوامل مهَّدت لانهياره في ثورة الرابع عشر من تموز/يوليو 1958.
الفصل الأول: الجذور التاريخية لتأسيس المملكة العراقية
1- الثورة العربية الكبرى وطموحات الأسر الحاكمة
انبثقت فكرة إنشاء المملكة العراقية في سياق الثورة العربية الكبرى (1916–1918). وكان الشريف حسين بن علي يطمح إلى نقل الخلافة الإسلامية إلى إحدى الأسر العربية. وتنافست على هذا الدور ثلاث أسر كبرى:
• الأسرة السعودية في نجد والحجاز.
• الأسرة الهاشمية قائدة الثورة العربية.
• الأسرة العلوية (المحمدية) في مصر.
2- ثورة العشرين ومقررات مؤتمر القاهرة
اندلعت ثورة العشرين في العراق (1920) احتجاجًا على الاحتلال البريطاني ونقض الوعود العربية. وقد دفعت هذه الثورة بريطانيا إلى عقد مؤتمر القاهرة (1921) برئاسة ونستون تشرشل، والذي أقر:
• تقسيم الولايات العربية السابقة إلى دول مستقلة متفرقة.
• إلغاء نظام الخلافة.
• إبعاد الشريعة الإسلامية عن التشريع الأساسي للدول الجديدة.
الفصل الثاني: المجلس التأسيسي وتثبيت الحكم الملكي
1- تشكيل المجلس التأسيسي
أمر المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس بتشكيل مجلس تأسيسي يضم شخصيات بارزة مثل: نوري السعيد، رشيد عالي الكيلاني، ياسين الهاشمي، وعبد الوهاب النعيمي. وانتُخب السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب رئيسًا لأول حكومة انتقالية.
2- تتويج الملك فيصل الأول
في 23 آب/أغسطس 1921، تُوِّج الأمير فيصل بن الحسين ملكًا على العراق. وتمثل عهده ببداية بناء مؤسسات الدولة وسط تحديات داخلية وضغوط خارجية، أبرزها النفوذ البريطاني.
الفصل الثالث: المملكة العراقية الأولى (1921–1939)
1- عهد الملك فيصل الأول (1921–1933)
امتاز حكم فيصل الأول بالاعتدال والدبلوماسية، فقد سعى إلى:
• بناء مؤسسات الدولة الحديثة.
• الموازنة بين النفوذ البريطاني والمطالب الوطنية.
• تعزيز الروح القومية العربية.
توفي الملك فيصل الأول في 8 أيلول/سبتمبر 1933 في بيرن بسويسرا.
2- عهد الملك غازي الأول (1933–1939)
اعتلى غازي الأول العرش وهو في الثالثة والعشرين من عمره. تميز حكمه بـ:
• تبني توجهات قومية وحدوية.
• معارضة النفوذ البريطاني في العراق.
• تقارب حذر مع ألمانيا النازية.
وقد توفي في حادث سيارة غامض عام 1939، ما أثار جدلاً واسعًا حول ظروف وفاته.
الفصل الرابع: المملكة العراقية الثانية (1939–1958)
1- مرحلة الوصاية: الأمير عبد الإله (1939–1953)
بعد وفاة الملك غازي، تولى العرش ابنه فيصل الثاني وهو قاصر، فأُقرت وصاية بزعامة خاله الأمير عبد الإله. وقد شهدت هذه المرحلة:
• تعزيز النفوذ البريطاني.
• بروز شخصيات سياسية مثل نوري السعيد.
• مشاركة العراق في حرب فلسطين 1948.
2- عهد الملك فيصل الثاني (1953–1958)
بعد بلوغه السن القانونية، تسلم الملك فيصل الثاني الحكم عام 1953. تميز عهده بـ:
• إطلاق مشاريع إعمار واسعة عبر مجلس الإعمار.
• انضمام العراق إلى حلف بغداد وتلقي مساعدات عسكرية أمريكية.
• مشاركة الجيش العراقي في حرب فلسطين.
• إعلان الاتحاد العربي مع الأردن في شباط/فبراير 1958.
الفصل الخامس: نهاية الحقبة الملكية
1- العوامل الممهِّدة للانقلاب
تداخلت عدة عوامل أدت إلى سقوط النظام الملكي، أهمها:
• تصاعد الوعي القومي العربي.
• التوترات بين النخب الوطنية والمرتبطة ببريطانيا.
• اتساع دور الجيش في السياسة.
2- ثورة 14 تموز/يوليو 1958
قاد الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف مجموعة من الضباط للإطاحة بالنظام الملكي. قُتلت العائلة المالكة في قصر الرحاب، وأُعلنت الجمهورية العراقية، منهية بذلك 37 عامًا من الحكم الهاشمي.
الفصل السادس: الجوانب الاجتماعية والسياسية في العهد الملكي
1- المجتمع العراقي في ظل الملكية
• تباينت التوجهات بين نخب وطنية تدعو للاستقلال الكامل، وبين شخصيات مؤيدة للسياسة البريطانية.
• ظهرت تيارات فكرية متباينة: قومية، إسلامية، وليبرالية.
2- أوضاع الأسرة المالكة
من المظاهر الاجتماعية اللافتة أن مجلس النواب خصص في منتصف الثلاثينيات رواتب شهرية قدرها (15 دينارًا) لبنات الملك فيصل الأول، بعد نقاش طويل حول حاجتهن للنفقة.
الخاتمة
شكّلت المملكة العراقية الهاشمية تجربة محورية في التاريخ العربي الحديث، إذ جمعت بين محاولات بناء الدولة الحديثة وبين الضغوط الاستعمارية والتناقضات الداخلية. وعلى الرغم من الإنجازات التي حققها النظام الملكي، فإن ارتباطه بالسياسات البريطانية وتنامي الوعي القومي وصعود دور الجيش كانت من أبرز الأسباب التي عجلت بنهايته الدامية عام 1958.
المراجع
1. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، بغداد، 1969.
2. حنا بطاطو، العراق: الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، بيروت، 1992.
3. عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، بغداد، 1960.
4. Charles Tripp, A History of Iraq, Cambridge University Press, 2007.
5. Phebe Marr, The Modern History of Iraq, Westview Press, 2012.