اسم التفضيل في اللغة العربية

اسم التفضيل في اللغة العربية
مقدمة اسم التفضيل من الأبواب النحوية المهمة التي لا غنى للدارس عنها؛ إذ هو وسيلة للتعبير عن المقارنة بين شيئين أو أكثر في صفة معينة، لبيان أيّهما أَولى أو أَشدّ أو أَكثر في تلك الصفة. وقد اعتنى علماء العربية بتفصيل أحكامه وصيغه وشروطه وأحواله؛ لما له من دور بيّن في البيان القرآني والبلاغة العربية والشعر العربي القديم والحديث. وقد جاء استعماله في القرآن الكريم في مواضع متعددة، ليؤدي دلالات دقيقة تجمع بين قوة التعبير وجمال الأسلوب، كما أكثر منه الشعراء في المقارنة بين الأخلاق والبطولات، وبين الأطلال والديار، وبين المال والعلم، وغير ذلك من الصور الأدبية. تعريف اسم التفضيل عرّفه النحاة بأنه وصف مشتق من المصدر على وزن "أَفعل" للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر فيها، مثل: أجمل، أفضل، أكرم. • فإذا قلت: العلم أنفع من المال، فالمعنى أن العلم والمال اشتركا في النفع، ولكن العلم زاد على المال فيه. • وقد يُفاضل بين صفتين مختلفتين، كقولنا: الصيف أَحرّ من الشتاء، أي أن الصيف يزيد بحرارته على شدة برد الشتاء. شاهد قرآني قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} (الروم: 27(. كلمة أهون هنا ليست للمفاضلة، وإنما بمعنى "هَيّن"، أي سهل يسير، إذ لا تفاوت في قدرة الله سبحانه. شاهد شعري قال الشاعر: إنَّ الأُلى صَبَروا ولا عَجِزوا *** كانوا أَصَابَحَ صَبرِهم أَكْرَما فهنا أكرم اسم تفضيل يبين تفوّق بعض القوم على بعض في الكرم. أوزان اسم التفضيل يأتي على وزن أَفعل، ويؤنث على فُعْلى، ويُثنّى ويُجمع وفق القاعدة: • المذكر: أكبر – أكبران – أكبرون – أكابر. • المؤنث: كبرى – كبريان – كبريات – كبر. أمثلة قرآنية • قوله تعالى: {ورحمة ربك خير مما يجمعون} (الزخرف: 32(. • قوله تعالى: {أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا} (الكهف: 34(. شروط صياغة اسم التفضيل لا يُصاغ اسم التفضيل من كل فعل، بل يشترط فيه ثمانية شروط رئيسية: 1. أن يكون للفعل مصدر، فلا يصاغ من الجامد كـ لص. 2. أن يكون ثلاثيًا مجردًا، فلا يصاغ من الرباعي مثل: بعثر. 3. أن يكون متصرفًا، فلا يصاغ من الجامد مثل: عسى – ليس – بئس. 4. أن يكون قابلاً للتفاوت، فلا يصاغ من: مات – غرق. 5. أن يكون تامًا، فلا يُشتق من الأفعال الناقصة كـ كان. 6. أن يكون مثبتًا، فلا يشتق من فعل منفي مثل: ما علم. 7. ألا يكون الوصف منه على وزن "أفعل فعلاء" الدال على لون أو عيب ظاهر، مثل: أحمر – أعور. 8. أن يكون مبنيًا للمعلوم، فلا يصاغ من المبني للمجهول مثل: قُتل. شاهد من الشعر قال المتنبي: وإذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ *** فلا تقنعْ بمـا دونَ النجومِ المتنبي هنا يرفع قيمة الطموح إلى الأعلى، وكلمة أعلى لو جاءت لكانت اسم تفضيل. صوغ اسم التفضيل إذا توافرت الشروط السابقة صيغ اسم التفضيل مباشرة على وزن (أفعل(. أما إذا لم تتوافر جميع الشروط، لجأ العرب إلى استخدام ألفاظ عامة مثل: أشد، أكثر، أعظم، متبوعة بمصدر منصوب على التمييز. مثال قرآني قوله تعالى: {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} (الزمر: 35(. • أسوأ و أحسن اسما تفضيل. • والمعنى: أن الله يجزيهم على أحسن أعمالهم، ويمحو عنهم أسوأ ذنوبهم. أحوال اسم التفضيل يأتي اسم التفضيل على ثلاث حالات رئيسية: 1. مفرد مذكر نكرة: إذا قارنّا به بين شيئين مجرورين بـ من. o مثال: الطالب أنجح من زميله. 2. مطابقة الموصوف: إذا لم يقترن بالمفضل عليه، سواء عُرّف بـ "أل" أو أضيف. o مثال: الطلاب الأقدرون على البحث نجحوا. 3. جواز المطابقة وعدمه: إذا أُضيف إلى معرفة وقُصد به التفضيل. o مثال: الطلاب أفضل الفتيان = أفاضل الفتيان. عمل اسم التفضيل • الأصل أن يرفع ضميرًا مستترًا يعود على المبتدأ، مثل: أخوك أحسن منك. • وقد يرفع اسمًا ظاهرًا في بعض التراكيب، مثل: ما رأيت رجلًا أحسن في عينيه الكحل منه في عين زيد. شواهد قرآنية متعددة 1. {ورحمة ربك خير مما يجمعون} (الزخرف: 32(. 2. {أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا} (الكهف: 34(. 3. {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم بأحسن الذي كانوا يعملون} (الزمر: 35(. 4. {أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} (آل عمران: 106(، فكلمة أكفرتم تحمل معنى الزيادة في الكفر. شواهد شعرية • قال زهير بن أبي سلمى: ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلَمِ فالمعنى أن الصفات تتفاوت، وأفضلها وأبقاها هو ما يظهر على السلوك. • وقال عنترة: ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ *** مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ يستعمل التفضيل هنا ضمنيًا حين يرفع معشوقته فوق كل قيمة، حتى فوق السيوف والدم. خلاصة اسم التفضيل باب نحوي عظيم الأهمية، يجمع بين القاعدة النحوية والبعد البلاغي والأسلوبي. • هو صيغة للمفاضلة والمقارنة بين شيئين أو أكثر. • له شروط لا بد من مراعاتها في الصياغة. • يرد على أوزان محددة في الإفراد والتثنية والجمع. • استعمله القرآن الكريم بدقة بلاغية لتقرير المعاني العظمى، كما في قوله تعالى: {ورحمة ربك خير مما يجمعون}. • واستعمله الشعراء لإبراز القيم العليا، والمفاضلة بين البطولات والأخلاق. المراجع المقترحة 1. سيبويه، الكتاب. 2. ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب. 3. ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك. 4. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز. 5. محمد محيي الدين عبد الحميد، شرح شذور الذهب.

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال