الأمريكيون الأصليون في الولايات المتحدة:
قراءة تاريخية-اجتماعية في ضوء فلسفة التأويل
الأمريكيون الأصليون هم الشعوب التي سكنت مناطق الولايات المتحدة الحالية قبل وصول الأوروبيين، ويُعرفون أيضاً باسم الهنود الأمريكيين أو الأمريكيين الأوائل [1، 3]. الحكومة الأمريكية تعترف بـ 574 قبيلة معترف بها اتحادياً، ولهم تاريخ طويل من الصراع والتهجير والتمييز، ولا يزالون يواجهون تحديات في الوقت الحالي مثل العنصرية وتدمير بيئاتهم
من هم الأمريكيون الأصليون؟
• هم الأفراد الذين يعود أصلهم إلى أقدم القبائل التي سكنت الولايات المتحدة منذ آلاف السنين
• يشمل مصطلحهم الشعوب الأصلية لجميع مناطق أمريكا الشمالية التي أصبحت جزءًا من الولايات المتحدة، بما في ذلك ألاسكا
• يُشار إليهم أيضًا باسم "الهنود الأمريكيين"، وهو مصطلح له تاريخ غير دقيق أصله إلى اعتقاد كولومبوس بأنه وصل إلى الهند، ويشير إليه البعض بالـ "هنود الحمر" للتمييز
القبائل والمحميات
• يوجد حاليًا 574 قبيلة معترف بها اتحاديًا في الولايات المتحدة، وهناك العديد من القبائل الأخرى غير المعترف بها.
• • تقع حوالي 310 محميات هندية داخل الولايات المتحدة، على الرغم من أن معظم الأمريكيين الأصليين لا يعيشون في محميات الآن.
التاريخ والصراعات
• عاش الأمريكيون الأصليون ثقافات متميزة ومعقدة في جميع أنحاء القارة قبل وصول الأوروبيين
• أدى وصول الأوروبيين إلى قرون من الصراع والتهجير القسري للسكان الأصليين من أراضيهم.
• في القرن العشرين، حصل الأمريكيون الأصليون على المزيد من الحقوق، وتم منحهم الجنسية الأمريكية عام 1924
التحديات الحالية
• لا يزال الأمريكيون الأصليون يواجهون تحديات مثل التمييز والعنصرية والاستيلاء الثقافي
• تعاني العديد من القبائل من مشاكل الصحة العامة المرتبطة بالصدمات التاريخية وسوء المعاملة، بالإضافة إلى قضايا مثل العنف ضد المرأة والإدمان
• تواجه القبائل أيضًا تدميرًا للبيئات ومصادر المياه، إضافةً إلى تحديات اقتصادية في محمياتهم.
يشكّل تاريخ الأمريكيين الأصليين، أو ما يُعرف شعبيًا بالـ«هنود الحمر»، إحدى أكثر الصفحات تعقيدًا في التاريخ الإنساني، حيث يتقاطع فيه البعد الاجتماعي والثقافي مع البعد الاستعماري والسياسي. ومع دخول الأوروبيين إلى العالم الجديد في القرن الخامس عشر، برزت حالة من التمزّق الحضاري و«التأويل» المتباين للتاريخ: فبينما قدّم الأوروبيون روايتهم المكتوبة المليئة بالتصورات الدينية والسياسية عن «الأراضي الجديدة»، احتفظت الشعوب الأصلية برواياتها الشفاهية وأساطير الخلق التي تؤكد أصالتها في القارة منذ الأزل.
ينطلق هذا البحث من فلسفة التأويل بوصفها إطارًا لفهم هذا التباين بين السرديات، وتحليل الصراع بين رواية «المُستعمر» ورواية «الأصيل»، بما يتجاوز الوقائع التاريخية إلى أبعادها الرمزية والاجتماعية.
الفصل الأول: الأصول والهجرات الأولى
1-1. الهجرة إلى الأمريكيتين
تشير الدراسات الأنثروبولوجية إلى أن أسلاف الأمريكيين الأصليين نزحوا من أوراسيا عبر جسر بيرنجيا الجليدي قبل نحو 16,000 إلى 40,000 عام. ورغم هيمنة هذه الفرضية، فإن بعض النظريات الأخرى، مثل النظرية السولترية، تفترض وصول جماعات أوروبية قديمة عبر الأطلسي. غير أن السرديات الشفاهية للشعوب الأصلية ترى أن وجودهم في القارة يعود إلى «بداية الخلق»، وهو ما يعكس اختلافًا في فلسفة الزمن والتأويل بين الغرب الاستعماري والسكان الأصليين.
1-2. حضارات ما قبل كولومبوس
قبل وصول الأوروبيين، نشأت حضارات عظيمة مثل المايا والأزتك والإنكا، وتميزت بمدن كبرى كـ«تينوتشتيتلان»، وبمنجزات في الفلك والرياضيات. إلا أن معظم الوثائق الأصلية دُمّرت بفعل حملات التنصير، وهو ما أدى إلى تشويه صورة تلك الحضارات في السرد الغربي.
الفصل الثاني: الصدام مع الاستعمار الأوروبي
2-1. الأمراض والحرب البيولوجية
أدّى انتقال الأوبئة الأوروبية مثل الجدري والحصبة إلى انقراض جماعي للسكان الأصليين الذين لم يملكوا مناعة بيولوجية. وتذكر بعض المصادر أن المستعمرين استخدموا البطانيات الملوثة بالجدري كأداة للحرب البيولوجية، ما يثير أسئلة أخلاقية حول بدايات المشروع الاستعماري.
2-2. الاختلاف الثقافي
بينما اعتمدت المجتمعات الأصلية أنظمة أمومية وجماعية في الأرض والإنتاج، ارتكزت الثقافة الأوروبية على الأبوية والملكية الفردية. وقد ولّد هذا التباين جذورًا للصراع السياسي والاجتماعي، فالتأويل الاستعماري للأرض رآها «ملكية» قابلة للبيع، بينما رآها السكان الأصليون «كيانًا روحيًا وجماعيًا».
الفصل الثالث: سياسات الاستيعاب والإقصاء
3-1. الاستيعاب القسري
منذ عهد جورج واشنطن، اتبعت الولايات المتحدة سياسة «عصرنة الهنود» لدمجهم قسرًا في المجتمع الأمريكي. وقد بلغ ذلك ذروته مع قانون إزالة الهنود (1830) الذي أدى إلى تهجير قبائل بأكملها فيما عُرف بـ«درب الدموع».
3-2. الحروب والمعاهدات
شهد القرن التاسع عشر سلسلة من الحروب الهندية في السهول الكبرى، حيث قاومت القبائل التوسع الأمريكي، لكنها انتهت إلى معاهدات مجحفة وضعتهم في «محميات» فقيرة الموارد، ما أدى إلى مجاعات وانهيار اجتماعي.
الفصل الرابع: من المقاومة إلى الهوية الحديثة
4-1. القرن العشرون والتحولات القانونية
في عام 1924 مُنح الأمريكيون الأصليون الجنسية الأمريكية، لكنهم ظلوا يعانون من التهميش. وقد بدأ منذ ستينيات القرن الماضي حراك ثقافي وسياسي لإحياء الهوية الأصلية، شمل إنشاء مدارس وجامعات قبلية، وحماية اللغات، وإطلاق وسائل إعلام مستقلة.
4-2. فلسفة الهوية والتأويل المعاصر
اليوم، يُنظر إلى الأمريكيين الأصليين ليس فقط كضحايا للاستعمار، بل كحَمَلة لتأويل بديل للتاريخ والوجود. فهم يقدّمون رؤية للعالم تقوم على العلاقة الروحية مع الأرض ورفض اختزالها في منطق «الملكية». وهذا يجعلهم نموذجًا حيًا لنقد الحداثة الغربية من منظور فلسفة التأويل والاختلاف.
الخاتمة
يظهر من خلال هذا العرض أن تاريخ الأمريكيين الأصليين ليس مجرد «سرد وقائع»، بل هو جدل تأويلي بين روايات متصارعة: رواية الاستعمار التي سعت إلى نزع الشرعية عن وجودهم، وروايتهم الأصيلة التي تربط الماضي بالهوية المعاصرة. إن استعادة هذه السرديات تُسهم في إعادة التفكير في مفاهيم الهوية، الأرض، والعدالة التاريخية، وتجعل من قضية الأمريكيين الأصليين جزءًا من النقاش الفلسفي العالمي حول الاعتراف والذاكرة.