أشهر 12 امرأة تربعن على عرش مصر
رغم ما يُقال عن الفكر البدائي والعادات التي قيدت المرأة عبر العصور، فإن مصر القديمة كتبت بيد نسائها صفحات مجد وحكم لم تجرؤ عليه حضارات حديثة. في زمن كان الجلوس على العرش حلمًا بعيد المنال حتى للرجال، استطاعت نساء مصريات أن يكسرن هذا الحاجز، ويتربعن على عرش مصر، يقدن البلاد بذكاء وحنكة في عصورٍ شهدت اضطرابات وتحولات كبرى.
هؤلاء هن نساء مصر الرائدات... نساء حطمن القيود، واخترقن الصفوف الأمامية، وأثبتن ذواتهن في سجل الخلود، فكان لهن الريادة والتقدير، والدهشة التي لا تفتر.
ملكات حكمن مصر وتولين زمام السلطة
1. ميريت نيت – أول ملكة في تاريخ العالم
كانت أول من خط اسمه في سجلات الحكم من النساء، ويُعتقد أنها ارتقت عرش مصر في عهد الأسرة الأولى. وثّق اسمها على حجر "بالرمو"، كما ظهرت في لوحة فريدة بأبيدوس، مما يرجح أنها كانت حاكمة فعلية لا مجرد زوجة ملك. وجدت لها مقبرتان: إحداهما في سقارة والأخرى بجوار مقابر الملوك في أبيدوس، مما يعزز مكانتها كملكة حاكمة وليست فقط قرينة ملكية.
2. خنت كاوس – الملكة الوارثة لعرش مصر العليا والسفلى
لعبت دورًا محوريًّا في الانتقال بين الأسرتين الرابعة والخامسة، وحملت ألقابًا فريدة مثل "أم ملك مصر العليا والسفلى". يرى المؤرخون أنها كانت الوارثة الشرعية للعرش، وحكمت وصيةً على ابنها، ثم بسطت سلطتها بنفسها، وبنت معبدًا هرمياً في الجيزة.
3. نيت إقرت – الملكة المنتقمة
من أكثر الشخصيات غموضًا وإثارة في تاريخ الملكات، حكمت منفردة، وقيل إنها انتقمت ممن قتلوا زوجها بإغراقهم في مأدبة مفخخة بالماء، ثم أنهت حياتها بنفسها. رواياتها تتراوح بين الأسطورة والواقع، لكن المؤكد أنها آخر حكام الأسرة السادسة، وبهذا أُسدل الستار على عصر الدولة القديمة.
4. سبك نفرو – سيدة كل النساء
ابنة الملك أمنمحات الثالث، ووريثته بعد وفاة أخيها. تولت الحكم لقرابة أربعة أعوام، وتُعدّ أول ملكة في الأسرة الثانية عشرة. اتسم عهدها بالقوة، وبها انتهى عصر المجد وانطلقت مصر إلى مرحلة الانحدار في "عصر الانتقال الثاني"، تمهيدًا لدخول الهكسوس.
5. حتشبسوت – ملكة الأساطير والنهضة
واحدة من أعظم ملكات مصر، حكمت أكثر من عشرين عامًا، وحققت ازدهارًا تجاريًا وعمرانيًا، وخلّدت اسمها بمعبد الدير البحري. واجهت تحديات لكونها امرأة، فارتدت زي الرجال لإقناع الشعب. رافقها المهندس "سنموت" الذي نسج المؤرخون حوله أساطير حب وغموض لا تزال مثار جدل. كانت أول من ارتدى القفازات، ويقال إنها كانت تخفي بها عيبًا خلقيًا في اليد.
6. تاوسرت – ملكة الأرضين في أوقات الفوضى
آخر من تولت الحكم في نهاية الأسرة التاسعة عشرة. خلال فترة اضطرابات ما بعد مرنبتاح، ظهرت كصاحبة لقب "سيدة الجنوب والشمال" و"زوجة الملك". دفنت في وادي الملوك، ويُعتقد أنها حكمت قرابة 8 أعوام، لتكون آخر الملكات في عصر الدولة الحديثة.
ملكات حكمن بالظل، فكنّ صانعات القرار
7. نفرتيتي – الجميلة التي ساندت ثورة إخناتون
ليست فقط رمزًا للجمال، بل قوة سياسية ودينية نافذة. وقفت إلى جانب زوجها "إخناتون" في ثورته التوحيدية، وشاركت في طقوس الدين الجديد. ظهرت في مشاهد قتالية ومراسم ملكية، واحتفظت بمكانتها كزوجة ملكية عظيمة. حتى بعد وفاتها، ظل قبرها ومومياؤها محل جدل واكتشافات حديثة.
8. نفرتاري – المحبوبة التي لا مثيل لها
زوجة رمسيس الثاني، وأهم نسائه. عُرفت بجمالها وثقافتها ومكانتها المميزة في البلاط. رسمت بجواره في معابده، بل وشُيد لها مقبرة فاخرة من أروع ما خلفته مصر القديمة، وهي واحدة من رموز الوفاء والحب والحكمة.
9. كليوباترا الثانية – الحاكمة في ظل ثورات البطالمة
اعتلت العرش أكثر من مرة، وتشاركت الحكم مع إخوتها وأبنائها. ثارت على أخيها بطليموس الثامن، وحكمت منفردة لفترة. كانت واحدة من الملكات القلائل في العصر البطلمي اللاتي حكمن عمليًا في وسط صراعات أسرية متشابكة.
10. برنيقة – الملكة الأرملة
تولت الحكم بعد وفاة زوجها بطليموس التاسع، ثم تزوجت وريثًا عاد من روما وتشاركت معه الحكم. لم تكن ذات شهرة كبرى، لكنها مثّلت انتقالًا سياسيًّا مهمًا في فترة انتقال الحكم داخل الأسرة البطلمية.
كليوباترا وشجرة الدر... نهاية المجد وبداية الأسطورة
11. كليوباترا السابعة – الملكة التي أرادت أن تحكم العالم
آخر ملكات مصر الفرعونية وأشهرهن عالميًا. جمعت بين الذكاء السياسي والسحر الشخصي. تحالفت مع يوليوس قيصر أولًا، ثم مع مارك أنطونيو لاحقًا، وسعت لتأسيس إمبراطورية شرقية رومانية–مصرية. انتهت حياتها بانتحار مأساوي بعد هزيمة أنطونيو أمام أوغسطس، فدخلت التاريخ من أوسع أبوابه كرمز للحب والقوة والطموح.
12. شجرة الدر – السلطانة التي حكمت ثم قُتلت بالقباقيب
أول امرأة تحكم مصر في العهد الإسلامي بعد وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأخفت وفاته لتُحكم قبضتها على الحكم. تولت السلطنة رسميًا باسم "أم خليل"، وهزمت الصليبيين وأسرَت لويس التاسع. ثم تزوجت من عز الدين أيبك لتمسك بزمام السلطة، قبل أن يدبر هو مؤامرة ضدها فترد عليه بخيانة أنهت حياته. لكن النهاية كانت مأساوية، إذ قتلها مماليك أيبك بأمر زوجته الأولى ضربًا بالقباقيب وألقوا بجثتها من فوق القلعة.
خاتمة
لم تكن الملكة في مصر القديمة مجرد زوجة للملك، بل قائدة، محاربة، وصانعة قرار. من ميريت نيت إلى شجرة الدر، خطّت نساء مصر تاريخًا ناصعًا بالدم والذهب، بالحكمة والحرب، بالحب والموت. قد يُقال إن مصر الحديثة حرمت النساء من اعتلاء العرش، لكن ذاكرة التاريخ تحفظ لنساء مصر أنهن كنَّ يومًا تاجها وصولجانها، ومجدها الأبدي.