الزوجة و الزوج في المحكمة

الزوجة و الزوج في المحكمة
الزوجة: "جعلني سلعة تُباع وتشترى" قالت الزوجة للقاضي بصوت متهدّج، وهي تضغط على شفتيها محاولة التماسك . " تقدّم زوجي إلى والدي يطلب يدي، فوافق دون تردّد. لم أفهم سبب تعجّله، رغم أنني كنت قد أتممت الثامنة عشرة فقط. كانت والدتي تردد دائمًا: «لقد كبرتِ، وهذا ما يقلق والدك، فهو يخشى عليكِ من العنوسة»، وكأنّ الجمال نقمة تعاني منها الفتاة الجميلة ! كان العريس موظفًا في مصلحة السكك الحديدية، وقبله والدي دون أن يأخذ رأيي، واتفق معه على المهر والشبكة وعقد القران، وكأنني لا شيء. كومة أو نفاية . بدأت فترة الخطوبة، ولم أشعر تجاهه بأي عاطفة. صارحت أمي بمشاعري تجاه هذا الخاطب ، فقالت لي: «كل الفتيات يشعرن بذلك أول الأمر، ولكنك ستحبينه بعد الزواج». فصمتُّ على مضض. وفي ليلة الزفاف، انتقلت إلى منزله. ومنذ اليوم الأول لاحظت أنه لا يعود بمفرده، بل يرافقه أصدقاء كثر. كنت أُغلق باب غرفتي، لكنه كان يطلب مني الخروج للجلوس معهم، وتقديم الطعام والشراب، بل ومشاركتهم السهرة. كنت ألاحظ نظرات غريبة شرسة في عيون أصدقائه... وعندما اشتكيت منها، قال: «إنها نظرات إعجاب بجمالك!». وفي ليلة معينة، عاد بصديق ومعه زجاجة خمر. دخلت حجرتي وأغلقتها على نفسي، وإذا بالطرقات تطرق بابي... فتحت، فوجدت صديقه يقتحم الغرفة مخمورًا، يراودني عن نفسي! بحثت عن زوجي، فلم أجده، لقد ترك لي المنزل والصديق! قاومت، ولقّنته درسًا، وطردته من بيتي. حين عاد زوجي، واجهته بالحقيقة. رأيت وجهه على حقيقته لأول مرة... رجل مستعد لأن يبيع زوجته لمن يدفع. واجهته بثورة، فضربني ومزق ثيابي. وفي صباح اليوم التالي، عدت إلى منزل أسرتي. وأردفت بغضب، وهي تدق الأرض بقدمها: "أنا أطلب الطلاق، وأتنازل له عن كل حقوقي الشرعية!" ثم صمتت، تحاول لملمة أنفاسها، تمسح العرق عن وجهها بمنديل حريري أبيض، وهي تسند ظهرها إلى الحائط، تنظر بين القاضي وزوجها في صمت طويل. الزوج: "كيف ضاع المهر؟" ردّ الزوج بصوت ثابت: "تقدّمت لأسرة زوجتي لا طمعًا في مال أو جاه، بل بحثًا عن فتاة من أسرة محافظة، تؤنس وحدتي وتصون شرفي. دلّني أحد الأصدقاء على والدها، فذهبت إليه، واتفقنا على مهر قدره 150 جنيهًا. عُقد القران، ثم انتظرت الزفاف، ولكن الأسرة بدأت بالمماطلة. مضى عام ونصف دون زواج. وفي ليلة من الليالي، وبينما كنت نائمًا، سمعت طرقات عنيفة على الباب. فتحت، فإذا بحماتي وزوجتي أمامي، والأخيرة بملابس النوم! أخذتني حماتي جانبًا، وأخبرتني بأن زوجها - أي والد زوجتي - كاد أن يفقد بصره عندما وضع عن طريق الخطأ حبراً أحمر بدلًا من قطرات العين. فاضطروا لصرف المهر بالكامل لعلاجه. ثم قالت: «لا نملك ما نشتري به الأثاث، فجئنا بالعروس كما هي، بهذا الفستان فقط، ونعدك أن نجهز البيت لاحقًا. والله أمر بالستر». ثم تركتني، والدموع تملأ عينيها، وانصرفت. وهنا قاطعت الزوجة فجأة، صارخة: "كذاب! لم يحدث شيء من هذا!" طلب القاضي منها عدم مقاطعته، فأكمل الزوج: "كانت ليلة الزفاف المفاجأة الثانية: اكتشفت أن زوجتي ليست عذراء. توسّلت إليّ، بكت وركعت عند قدمي، بللتهما بدموعها. قالت إنها خُدعت، وإن ذئبًا بشريًا اغتصبها. سامحتها، وقررت أن نبدأ من جديد. لكنني لم أنس. حتى وجدت ذات يوم خطابًا صغيرًا، في جيب روبها، يحمل موعدًا مع ذلك الذئب نفسه، في محل جروبي. أعَدْت الخطاب إلى مكانه، وفي الموعد المحدد، أخبرتني أنها ذاهبة للخياطة. لحقت بها، فوجدتها مع عشيقها. انفجرت، وفقدت أعصابي، وضربتها، وكانت فضيحة شهدها رواد المكان. ذهبت إلى القسم، وسُجّلت ضدي جنحة، ولا تزال القضية منظورة." ثم قدّم للمحكمة نسخة من تحقيقات الشرطة والنيابة، قائلاً: "هذا هو دليلي." الحقيقة الحائرة تساءل القاضي: "ما دمتَ لا ترغب فيها، وهي مستعدة للتنازل عن جميع حقوقها، فلماذا لا تطلقها؟ أنت تعلم أنها لا تكن لك مودة، بل تنظر إلى غيرك." فأجاب الزوج، بنفس الصوت الرصين: "لن أطلّقها. لن أمنحها الحرية. سأجعلها كمنزل الوقف!" فردّت الزوجة ساخرة: "لكن الوقف يكون للحكومة!" حاول القاضي إقناع الطرفين بالصلح، لكنهما رفضا. تمسّكا بالخصومة، وظلّت الحقيقة حائرة، بين تهم متبادلة، وأسرار مظلمة. وانتهت الجلسة بتأجيل الحكم، انتظارًا لقرار المحكمة الأهلية في القضية الجنائية. وحتى يصدر الحكم، سيظل الستار مرفوعًا عن هذه القصة المأساوية، في انتظار الكلمة الفاصلة.

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال