أسرار العِرقسوس:
التركيب، الفوائد، والاحتياطات الصحية
أولًا: التعريف بالنبات وتركيبه الكيميائي
العِرقسوس (Glycyrrhiza glabra) هو نبات بري معمّر من الفصيلة البقولية، ويُعرف بجذوره التي تُسمّى في التراث العربي "عرقسوس" أو "أصل السوس". اشتهر في البلاد العربية منذ أقدم العصور كمشروب منعش وعلاجي، كما ورد ذكره في العديد من المصادر الطبية التقليدية.
تحتوي جذور العِرقسوس على مجموعة غنية من المركّبات النشطة، أبرزها:
• مواد سكرية طبيعية.
• أملاح معدنية (بوتاسيوم، كالسيوم، ماغنسيوم، فوسفات).
• مواد صابونية مسؤولة عن تكوّن الرغوة عند تحضير العصير.
• زيت طيّار يمنحه نكهة مميزة.
هذه المكوّنات مجتمعة تفسّر تنوّع فوائده الطبية، حيث تجمع بين التأثيرات المليّنة، والمقوّية، والمطهّرة.
ثانيًا: الاستخدامات الطبية التقليدية والمعاصرة
تشير الدكتورة منى إسماعيل منطاوي، الباحثة بالمركز القومي للبحوث، إلى أن جذور العرقسوس تُستخدم لصناعة مشروب طبي يُعرف بـ"شراب العرقسوس"، وله عدة فوائد مثبتة علميًا، منها:
1. تأثيرات على الجهاز الهضمي
o يعمل كمليّن طبيعي.
o يساعد على علاج قرحة المعدة، حيث يساهم في التئامها خلال أشهر قليلة ويقلّل من حموضة المعدة.
o يخفّف عسر الهضم ويُحسّن الامتصاص الغذائي.
o يُستعمل مسحوقه في علاج الإمساك المزمن.
2. تأثيرات على الجهاز التنفسي
o مهدّئ للسعال، خاصة المصحوب بـ بحّة صوتية.
o يخفّف أعراض التهاب الحلق والرشح، ويفيد في علاج السعال المزمن عند تناوله دافئًا.
3. فوائد للكبد والدم
o يدعم وظائف الكبد بفضل احتوائه على المعادن المتنوعة.
o يعمل كمقوٍّ ومنقٍّ للدم، ويُعتمد عليه في عدة دساتير أدوية عالمية.
4. التأثيرات العامة
o منشّط عام للجسم.
o يزيد الشهية إذا تم تناوله أثناء الطعام، ويسهّل الهضم إذا تم تناوله بعد الطعام.
o مفيد لمرضى السكري لعدم احتوائه على السكر الأبيض.
o يساعد في علاج الروماتيزم بفضل محتواه من البوتاسيوم والكالسيوم، إضافة إلى مواد ذات تأثيرات مشابهة للهرمونات الجنسية، تعزز المناعة.
ثالثًا: طرق الاستخدام والتحضير
• للقرحة وعسر الهضم:
تُستخدم ملعقة صغيرة من مسحوق العرقسوس، تُضاف إلى كوب ماء مغلي، وتُترك مغطّاة 10–15 دقيقة، ثم تُشرب ثلاث مرات يوميًا، ويفضل بعد الأكل بساعتين.
مدة الاستعمال: لا تتجاوز 6 أسابيع.
• للسعال وأمراض الصدر:
تُستخدم ملعقة صغيرة من المسحوق في كوب ماء مغلي، تُشرب مرتين أو ثلاث يوميًا.
• للكحة:
يُذاب المسحوق في ماء ويُشرب دافئًا.
• للصدفية:
يُستعمل خارجيًا أو داخليًا ضمن وصفات طبية خاصة.
رابعًا: نتائج الأبحاث الحديثة
تشير الدراسات إلى أن العرقسوس يحتوي على أكثر من 125 مركّبًا مضادًا للفطريات، وله تأثيرات مضادة للفيروسات، خصوصًا إذا خُلط بالعسل، حيث يفيد في علاج فيروس الهربس الفموي.
كما تبيّن أن بعض مكوّناته تساعد في إبطاء نمو الخلايا السرطانية، إضافة إلى فعاليته في علاج بلهارسيا المستقيم بفضل المواد الصابونية التي تقتل بويضات الطفيلي.
خامسًا: التحذيرات الطبية
رغم فوائده العديدة، فإن هناك احتياطات واجبة:
• يُمنع تناوله من قبل مرضى ضغط الدم المرتفع، ومرضى القلب، والمصابين بالسمنة، والنساء الحوامل، نظرًا لقدرته على احتباس السوائل وزيادة ضغط الدم.
• يجب الالتزام بالجرعات الموصى بها وعدم تجاوز المدة المحددة للعلاج.
• يمكن استبداله بأعشاب أخرى ذات فوائد مشابهة إذا كان هناك مانع صحي لاستخدامه.
التحليل الطبي والفسيولوجي لفوائد العرقسوس
• مضاد الالتهاب: مادة الغليسيريزين (Glycyrrhizin) تقلّل الالتهابات في الأغشية المخاطية للمعدة والجهاز التنفسي.
• مدر للبول: الأملاح المعدنية والمركّبات الصابونية تحفّز الكلى على التخلص من السوائل الزائدة.
• معزز للمناعة: وجود مركبات شبه هرمونية ومواد مضادة للأكسدة يرفع من مقاومة الجسم للأمراض.
• التأثير على الضغط الدموي: زيادة البوتاسيوم والصوديوم قد تؤدي لارتفاع الضغط، ما يفسّر ضرورة الحذر.