اضطرابات الطفولة التحللية (CDD) متلازمة هيلر والانتكاس الذهني

اضطرابات الطفولة التحللية (CDD) متلازمة هيلر والانتكاس الذهني
مقدمة اضطرابات الطفولة التحللية (Childhood Disintegrative Disorder – CDD)، والمعروفة أيضًا باسم متلازمة هيلر أو الانتكاس الذهني، تمثل حالة نادرة من اضطرابات النمو التي تتميز ببداية متأخرة لفقدان المهارات المكتسبة سابقًا، سواء في اللغة أو التواصل الاجتماعي أو المهارات الحركية. وقد وصفها المربّي النمساوي ثيودور هيلر عام 1908م تحت مسمى "الخرف الطفولي"، أي قبل أن يصف الطبيب ليو كانر التوحد بخمس وثلاثين سنة. ورغم أوجه التشابه بين اضطراب الطفولة التحللية والتوحد، إلا أن CDD يُعتبر شكلًا أكثر حدة وأشد ندرة، حيث يظهر بعد فترة من النمو الطبيعي تتراوح بين السنتين والعشر سنوات. الأعراض والعلامات يتطور الطفل المصاب بشكل طبيعي حتى سن الثانية تقريبًا، فيكتسب مهارات التواصل، واللغة، والعلاقات الاجتماعية، واللعب، والعناية الشخصية. غير أن المرض يؤدي إلى فقدان مفاجئ أو تدريجي لهذه المهارات. أولاً: فقدان المهارات الوظيفية يفقد الطفل قدرته على أداء مهارتين على الأقل من بين ست مهارات أساسية: 1. المهارات اللغوية: مثل فقدان القدرة على التحدث بطلاقة. 2. مهارات اللغة الاستقبالية والتعبيرية: أي فهم اللغة والقدرة على التعبير بها. 3. المهارات الاجتماعية: مثل التواصل مع الأقران أو تكوين صداقات. 4. العناية الشخصية: مثل التحكم في التبول والتبرز أو الاعتناء بالنظافة. 5. مهارات اللعب: كالتفاعل مع الألعاب بشكل هادف. 6. المهارات الحركية: مثل القدرة على الجري أو التوازن. ثانياً: ضعف الأداء في ثلاثة مجالات إضافية • التفاعل الاجتماعي (غياب الاستجابة للآخرين). • التواصل (انقطاع الكلام أو فقدان المبادرة في المحادثة). • السلوك التكراري (مثل التعلق الشديد بروتين معين أو الحركات النمطية). مثال توضيحي: طفل كان يلعب بألعابه، يتحدث بجمل بسيطة، ويستخدم المرحاض بشكل مستقل حتى عمر 4 سنوات، لكنه فجأة بدأ يفقد هذه القدرات، فلم يعد يتحدث أو يعتني بنفسه كما كان، وظهرت عليه حركات تكرارية مثل هز اليدين باستمرار. الأسباب المحتملة لا تزال أسباب CDD غير واضحة، وهو ما يجعل تشخيصه وعلاجه تحديًا كبيرًا. • ظهور مفاجئ أو تدريجي: قد يفقد الطفل مهاراته خلال أيام قليلة أو بشكل بطيء على مدى أشهر. • الفحوصات الطبية: غالبًا لا تكشف عن سبب عضوي مباشر، وفق تقارير عيادة "مايو" (Mayo Clinic). • الصرع: تزداد نسبة الإصابة به بين هؤلاء الأطفال، لكن دوره غير محسوم. الاضطرابات المرتبطة بالمرض: 1. أمراض تخزين الدهون: حيث تتراكم الدهون السامة في الدماغ والجهاز العصبي. 2. التهاب الدماغ الشامل المتصلب شبه الحاد: وهو عدوى مزمنة مرتبطة بفيروس الحصبة تؤدي إلى موت الخلايا العصبية. 3. التصلب الدرني المعقد (TSC): خلل جيني يتسبب في نمو أورام حميدة أو مختلطة في الدماغ وأعضاء أخرى مثل القلب والكليتين. العلاج لا يوجد حتى الآن علاج شافٍ أو نهائي لاضطرابات الطفولة التحللية، لكن بعض الأساليب تساعد على تحسين حياة الطفل والتقليل من حدة الأعراض. أولاً: العلاج السلوكي • يعتمد على إعادة تعليم المهارات المفقودة مثل اللغة والعناية الذاتية والتواصل الاجتماعي. • يتضمن برامج تحفيزية تستخدم أسلوب المكافآت لتعزيز السلوكيات المرغوبة وتقليل السلوكيات السلبية. • يشارك في هذا العلاج فريق متعدد التخصصات: o أطباء نفسيون. o اختصاصيو علاج النطق. o اختصاصيو العلاج الطبيعي والمهني. o المعلمون وأولياء الأمور. مثال تطبيقي: إذا قال الطفل كلمة صحيحة أو استخدم المرحاض بشكل مستقل، يحصل على مكافأة صغيرة (لعبة أو قطعة حلوى)، مما يعزز السلوك الإيجابي. ثانياً: العلاج الدوائي • لا توجد أدوية تعالج السبب مباشرة. • يتم اللجوء إلى: o مضادات الذهان لمعالجة السلوك العدواني أو التكراري. o أدوية مضادة للنوبات لعلاج حالات الصرع المصاحبة. الخاتمة يمثل اضطراب الطفولة التحللية (CDD) تحديًا طبيًا ونفسيًا واجتماعيًا، إذ يؤثر بشكل جذري على مسار حياة الطفل وأسرته. ورغم أن الأبحاث لم تتوصل بعد إلى علاج جذري، فإن التشخيص المبكر والتدخل السلوكي المكثف يمكن أن يساعدا في الحد من التدهور وتحسين جودة الحياة.

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال