نقالة وطنية.. خلية دفن صحي على أعلى مستوى من الفخامة!

نقالة وطنية.. خلية دفن صحي على أعلى مستوى من الفخامة!
في جولة ميدانية لا تخلو من رائحة التقدم (وربما شيء آخر)، تفقّد المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، خلية الدفن الصحي الجديدة بمنطقة شبرامنت، والتي توصف - بشيء من الفخر الوطني - بأنها "الأكبر من نوعها في مصر"، بل وعلى ذمة التصريحات، "في الشرق الأوسط كمان"! المشروع، وكعادة كل مشروع وطني ناجح، لم يأتِ من فراغ، بل من تعاون خماسي بين وزارات التنمية المحلية، والبيئة، والتخطيط، والتعاون الدولي، وكمان الهيئة العربية للتصنيع – يعني لم يتبقَّ سوى وزارة الأوقاف لتبارك الافتتاح بالمبخرة! وعن تفاصيل هذه الأعجوبة الحديثة، قال السيد المحافظ إن الخلية نُفِّذت على مساحة 71 فدانًا من "الأرض الطيبة"، مزوَّدة ببحيرتين تبخيريتين بمساحة 29.4 ألف متر مربع، وذلك في حال قررت المخلفات الاستجمام قبل مثواها الأخير. أما الطرق الداخلية، فهي تمتد على مساحة 14 ألف متر مربع – عشان الزبالة تتهوى وتتنزه وهي رايحة تُدفن. ومن باب "الفخامة لا تكتمل إلا بالكهرباء"، تم تركيب مولد كهربي ولوحات توزيع، وشبكة متطورة لتجميع ونقل سائل الرشيح – لأنه حتى العصارات أصبحت تُدار بتكنولوجيا حديثة، مش "بالسقّا والجرادل" زي زمان. ولأن كل شيء محسوب في هذه الخطة العبقرية، تمت إضافة طلمبتين ضخ لضخ العصارات إلى البحيرات (لأن العصارات تحتاج لعناية ورفاهية أيضًا!)، فضلًا عن شبكة مواسير من 7 خطوط، وكأننا نتحدث عن شبكة أنفاق وليست دفن نفايات. أما بئرا مراقبة المياه الجوفية، فهما هناك، يقفان بكل صمت يحميان المياه الجوفية من "التطفل العصاري". السيد المحافظ لم ينسَ، طبعًا، أن يشير إلى أن المشروع يندرج تحت مظلة "تحسين جودة الحياة" – لأن لا شيء يُحسن الحياة أكثر من دفن المخلفات في مكان منظّم. كما ثمّن سيادته التعاون المثمر مع باقي الوزارات، مشيدًا بنجاح نموذج "الكومبو الوزاري"، حيث تُطبخ المشاريع على نار هادئة من التنسيق والتكامل. وقد رافق المحافظ في هذه الجولة التفقُّدية نخبة من "كبار الزبالين الرسميين"، نذكر منهم: هند عبدالحليم نائب المحافظ، ومحمد مرعي، ووائل شعبان، وأيمن خليل، واللواء محمد الضبيعي – والذين بلا شك تذوقوا لذة النجاح بين أدخنة سائل الرشيح وهو يتبخر في بحيراته الهادئة. باختصار، إنها نقالة وطنية، ولكن بمواصفات خمس نجوم... فقط نرجو من الدولة في المستقبل أن تنقل ذات الحماسة إلى مشروعات "الدفن الصحي" للبيروقراطية، والمخلفات السياسية، والروتين القاتل.

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال