نهاية العام و بداية العام

 


نهاية العام
نهاية العام 

يكاد العام لأن ينصرم بمره ، دون أن تلمس فيه طعم الحلاوة  أو الفرح ، فالكل يعاني ويلات الحروب و اندلاعها ، و كأن الانسان لم يعد إنسان ، بل حيوانات في غابة متوحشة .

و إذا كانت الحرب بين روسيا و أوكرانيا قد دخلت عامها الثاني ، و تقترب من عامها الثالث ، دون بارقة أمل في انتهائها ، أمريكا و حلفاءها  يقفون وراء أوكرانيا بالمال و السلاح ، روسيا من وراءها الصين و إيران يمدها بوسائل الدمار الشامل .

و أصبحت العقوبات الاقتصادية سلاحا جديدا تحاول به أمريكا أن تكسب حربها مع روسيا ، و لكن روسيا من الجهة الأخرى تفرض عقوباتها على حلفاء أمريكا فتمنع الغاز عنها ،  بل تفرض عليهم التعامل بعملتها ( الروبل )  بدلا من الدولار  .

ولم تكن هذه العقوبات تؤثر على الدولتين المتحاربتين فقط ، بل تشمل دولا أخرى لا ناقة لها في هذه الحرب ، و تمنع تصدير المواد الغذائية عن دول العالم و خصوصا أفريقيا و آسيا مما يهدد بمجاعات و ارتفاع أسعار هذه السلع ، كالقمح ، و بسيطرتها على البحر الأسود تفقد أوكرانيا سلاحها في التصدير .

و ما زالت الحرب مستمرة ، رغم الدمار الهائل الذي أصاب مدن أوكرانيا ، و رغم القتلى من الطرفين .

و حاولت أمريكا أن تنقل الصراع إلى آسيا ، فهى  تناول و تحاور  بالقرب من الصين ، وفي جزيرة تايون. و لكن الصين تهدد هي أيضا باستعراض عضلاتها من خلال مناورتها بالقرب من الجزيرة .

و تحاول أمريكا أن تشعل فتيل آخر بين الكورتين ، ولكنه صراع شبه بارد لا يتجاوز اطلاق بعض الصواريخ في مياه المحيط .

"ناغورنو قره باغ": القصة الكاملة لأعقد مشاكل إرث الاتحاد السوفياتي، 

تعيش أذربيجان وأرمينيا في حالة حرب منذ تسعينيات القرن الماضي بعد حرب طاحنة أودت بحياة أكثر من 30 ألف شخص واستمرار المناوشات يهدد حالة وقف إطلاق النار .

إلى وقع تجدد الاشتباكات الدامية بين الجيش الأذربيجاني والانفصاليين الأرمن، عاد الصراع التاريخي في إقليم "ناغورنو قره باغ" بين البلدين إلى الواجهة، مهدداً باحتمالات استدراج روسيا وتركيا أكبر داعمين لطرفي الأزمة الممتدة منذ عقود، إلى ساحاته.

و في سوريا كان الوضع معقدا ، لقد استعان الأسد بروسيا و حزب الله  ( و إيران ) لقمع الثورة  ضده ،  و تتدخل أمريكا بحجة القضاء على داعش ، و تعلن تركيا تدخلها للقضاء على الأكراد في الشمال ، و تعربد إسرائيل فتضرب ضربات خاطفة بحجة حماية نفسها من حزب الله و إيران ، و ما زال المسلسل المتشابك الأطراف مستمر، رغم ضربات الطبيعة في شمال سوريا .

و في اليمن تحاول السعودية السيطرة على الموقف بعد انسحاب الامارات من تحالفها لمحاربة الحوثي ، و تستمر المعارك بين الأطراف المتحاربة دون جدوى ، و دون التوصل إلى حل رغم تدخل الأمم المتحدة .

و ما زالت المناوشات الهادئة مستمرة على الحدود بين الهند و بكستان .

و فجأة و دون سابق إنذار تشتعل الحرب في السودان ، و لكن ليس بين دولتين ، بل هو صراع على السلطة ، أو قل صراع بين الجيش و الدعم السريع ، و يقف وراء كل طرف ما يسانده و يمده بالسلاح , يحاول السكان الفرار من آتون هذه المعركة بالهرب إلى الدول المجاورة القريبة منها ، سواء إلى مصر أو أثيوبيا أو جنوب السودان أو تشاد .

كل طرف يبرر حججه ، و تحاول بعض الدول كالسعودية و مصر احتواء الأزمة و لكن  دون جدوى ، و يفشل المؤتمر وراء المؤتمر في حل الهدنة ، و لكن صراع الكرسي أقوى من تحكيم العقل .

و ينتقل الصراع إن لم يكن مستمر على فترات ، في ليبيا ، صراع بين الجيش الليبي ، و المرتزقة التي زرعتها تركيا في ليبيا ، يهدأ ثم يعود من جديد في محاولة سيطرة أحد الطرفين دون فائدة .  

 و ننتقل إلى السنغال حيث حاول الجيش السيطرة على الوضع أثناء الانتخابات ، و لكن الرئيس سبب الأزمة قرر الانسحاب من الانتخابات ، محققا عدالة الدستور في فترتين فقط .

و في النيجر ينقلب الجيش على الرئيس و يتهمه بالفساد و التعامل و الخيانة ، و تحاول فرنسا من خلال قواتها الموجودة هناك ، و من خلال أعوانها في تحالف الكونفدرالية ، و لكن دون جدوى ، بل أصبح التهديد بالحرب من الدول المجاورة مسرحية لا أمل في حلها .

و في تونس ينفجر الوضع  بين تسلط الرئيس على السلطة و محاربة المعارضة بشتى الوسائل ، و يغلي الشارع التونسي و إن كان الرئيس مسيطرا على السلطة .

و ينشب نزاع بين الجزائر و المغرب ، و تقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ، و رغم المحاولات شبه الجادة إلا أن تحت الرماد نيران مستعدة أن تندلع في أي وقت  .   

 و ما أن كان  كاد العام على أن يولي الأدبار تاركا استمرار المنازعات في فلسطين ، حيث أطلق ثوار حركة حماس صواريخ تجاه اسرائيل ، و تشتعل حرب إبادة  مدمرة تقتل فيها الابرياء من النساء و الأطفال و الشيوخ ، بل و تهدم البيوت و المساجد و الكنائس و المشافي فوق رؤوس الناس ليسكنوا تحتها جثث هامدة ، و تتدخل أمريكا و حلفاؤها بالمال و السلاح الفتاك لصالح اسرائيل ، و يقف العالم مكتوف الأيدي أمام حرب الإبادة المستمر ، و لم تفلح مطالبة الأمم المتحدة في فرض سيطرتها على قراراتها ، و لم تفلح الدول العربية و الاسلامية في وقف هذا العدوان ، و لم تفلح دور الجوار في يد المساعدة بالغذاء و الدواء ، و رغم الهدنة إلا أن النتنياهو مصمم على استمرار الحرب و قتل جنوده على أمل استمراره في السلطة ، رغم إدانته بالفساد .

هذه لمحات مبسطة لما يمر به العالم في العام 2023 ، و لسوف ينتهي العام ، و لا بارقة أمل في اطفاء نيران أي صراع .

أيام قليلة ، و يبدأ العام الجديد 2024 ، و يتبادل كل الأطراف التهاني باستمرار الحرب ، و أن لا أمل في الصلح أو التفاهم .

ويل للإنسان من الإنسان و قد فقد السيطرة على نفسه ، و لم يعد للعقل قيمة  ليتحكم بها على تصرفاته ، و يستمر جشعه في السيطرة على أرض أخيه الإنسان .

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال