لعبة الموت

 

لعبة الموت
لعبة الموت 

 

أرماندو شاب إيطالي وسيم ، يعمل عازف في احدى الفرق الموسيقية ، و قد وفد على الاسكندرية ، ليعمل مع أفرد فرقته في كازينو بأحد الفنادق الكبرى بالمدينة في فترة الصيف .


كان أرماندو طروباً ، فارعاً ، خفيف الظل ، سريع النكتة ، كثير الحركة ، و كان بشخصيته الجذابة أبرز أفراد الفرقة ، و سرعان ما التفت حوله طائفة من الجنس اللطف ممن يبحثن عن الحب أو المغامرة .


و لكن أرماندو كان يؤثر بحبه امرأة ايطالية متزوجة ، و كان يقدم لها نفسه ووجدانه إذا سنحت الفرصة .


و قرب موعد عودة ارماندو العازف إلى بلاده ، و كان الحب بين العازف و بين السيدة المتزوجة قد بلغ ذروته العاصفة ، التي  يتبخر عندها العقل ، و تتسلط معها العواطف الجارفة ، و ازداد قلق الاثنين ، و خوفهما من الفراق .


و عرض أرمانو على السيدة الايطالية خطة خطيرة ، تتلخص في الهرب معا من مصر ، بعد أن تستولى السيدة على مبلغ ضخم من مالية زوجها ،  بالإضافة إلى مصاغها ، حيث يقوم العازف بفتح كازينو و ناد في بلده ، و من ثم يعيشان معا منعمين بنعمة الحب  .


و ترددت السيدة الايطالية في قبول هذا العرض الخطر ، و ارتسمت في ذهنها أسئلة كبيرة ، فمن يدري أنها إذا هربت معه ستبقى  معه إلى الأبد ؟ أنها مع كونها تحبه تحب نفسها أكثر ، و تعرف تقلب عواطف الشباب المرح من أمثال أرماندو فكيف تضمن أنه لن يحتقرها فيما بعد ، بسبب أنانيته ، أو البداية الخاطئة التي بدأ بها ؟


 و كان ترددها ذلك صراعا بين عقلها و عاطفتها ، و لم تلبث أن أعلنت لآمارندو بأنها ترفض مشروعه الخيالي ، و أن عقلها قد وقف ضد عاطفتها ، و عاطفته نفسها .


كان لدى ارماندو مشروع ، و أمل علقها على هذا المشروع ، و لذلك لم ييأس من رفض حبيبته ، بل أنه  بالعكس راح يفكر في وسيلة جريئة و مؤثرة تهز صاحبته ، و تخضعها لنزواته الحمقاء ، لأنه يعرف كما تعرف من أنها تحبه. 


و اشترى ارماندو أنبوبين من اقراس  مادة منومة ، و عاد إلى الفندق ، و صعد إلى حجرته ، و تناول الأٌقراص المنومة ، ثم رفع سماعة التليفون ، و اتصل بحبيبته ، و أبلغها بانتحاره ،  بسببها ، لأنه لا يستطيع أن يفترق عنها ، و أنه يتكلم الآن من  حجرته ، و أنه قد ترك لها رسالة وداع ، و انتهت المكالمة ، عند هذا الحد .


و استلقى أرماندو على السرير مؤملاً سرعة وصول حبيبته لتسعفه ، و ترضخ لمطالبه  ، و لكنها لم تصل بعد ، و كان قد أحس بالغثيان فقام متوجها إلى دورة المياه المقابلة لحجرته ، و كان المخدر قد بدأ يسري في جسده ، و عند خروجه مترنحا من الأعياء ، أخطأ  و دخل حجرة اخرى بجواره تماما ، و استلقى على الفراش ، غير مدرك لشيء فقد راح في  غيبوبة طويلة .


و حضرت الحبيبة إلى غرفته ، و لما لم تجد سوى الرسالة التي كتبها إليها فقد خرجت تبحث عنه في كل مكان ، في الحجرة المجاورة . 


و عند الساعة العاشرة تفقدت الفرقة عازفها  ،  و بحثوا عنه ، و بعد تفتيش حجرات الفندق وجدوه في حالة سيئة جدا ، فنقلوه إلى المستشفى حيث أسلم الروح .


و انزوت الحبيبة التي فقدت وليفها في منزل زوجها ، تبكي أرماندو ، و ما يزال محضر التحقيق يطوي أوراقه هذا السر المفجع ، سر لعبة الموت ، اللعبة التي لم تدركها السيدة الايطالية إلى الآن .

 

العبرة

يظن البعض أن الشيطان يسهل له أمور حياته ، فينقله من وضع إلى آخر، و لكن يجد في الطرف الآخر من يعمل عقله ، و هكذا تصطدم المشاعر  ، و تؤدي حتما إلى الموت. 

مدونة فكر أديب

مرحبًا! أنا كاتب متحمس للاكتشاف والتعلم، وأجد الإلهام في تفاصيل الحياة. أحب القراءة والغوص في عوالم جديدة من خلال الكتب، والكتابة تعبر عن أفكاري ومشاعري. تجربتي الطويلة قد أكسبتني ثراءً في الفهم والتحليل. أنا هنا لمشاركة تلك الخبرات والتفاصيل الجميلة مع الآخرين. دعونا نستمتع معًا بسحر الكلمات والأفكار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال