جريمتان : اغتصاب و قتل
نويبع ، المكان الوحيد في العالم الذي يمكن أن يحدث فيه كل شيء ، الناس في كل مكان ، جرائم من كل نوع ، عملات من كل بلد ، بضائع من كل نوع ، يطلقون عليها بلد المليون قاتل ، فكل رجل هنا يمكن أن يتحول إلى قاتل ، و كل امرأة يمكن أن تكون عاهرة
نقترب أكثر ، نحن الآن بالقرب من الميناء الرئيسي ، ازدحام شديد ، سفينة تتصدر الميناء ، فتاة تقترب سنواتها من الخامسة و العشرين شقراء ، بارعة الجمال ، مثيرة ، تقترب بخطوات مرتعشة من الجمرك ، قدمت جواز السفر لضابط الأمن ، تفرس في وجهها ، حرك عينيه على كل منحنيات و تضاريس جسدها ، سألها و رائحة الجنس تفوح من فمه :
هل هناك ممنوعات غيرك ؟
لا
و ماذا تقصد بالممنوعات غير ؟
ابتسم ، و تفحص جواز السفر بنصف عين ، ثم سرعان ما بحلق فيه ، و افت نظره شيء غير عادي ، دقق النظر أكثر ، ثم أمسك الفتاة بعنف ، و شدها من ذراعها إلى مدير البوليس الذي أعاد النظر في أوراقها فاحصا مدققا ، ثم قام من مقعده ، و نزع باروكة الشعر التي كانت فوق راسها ، و التي تغطي صلعته .
و هتف مدير البوليس :
فتاتي العزيزة هيفاء الشربيني ، إنني ألقي القبض عليك بتهمة قتل " ابراهيم البلعوطي " مع سبق الاصرار و الترصد ، وتوجه إليك تهمة التزوير في أوراق رسمية ، و محاولة تهريب العملة إلى الخارج .
و قيدت الفتاة للتحقيق مكبلة اليدين ، وبدأت أسئلة المحقق الخارق الذكاء " هشام العلي "
من أنت ؟
اسمي هيفاء الشربيني ، ليس لي موطن سوى نوبيع ، أمي مصرية الأصل ، و أبي بحار إنجليزي مجهول ، و أنا ابنة غير شرعية .
عندما بدأت أعي ما حولي ، لم أجد أمامي غير أختي التي انت تعمل في كهف من الكهوف التي كان يقدم فيها الأفيون - و ماتت بعد ذلك بالسل – لم أجد لي جنسية أو جواز سفر، لم يكن لي أقارب أو أصدقاء ؟
لم أكن أعرف في هذه الدنيا سوى ناني ، كانت زميلتي في مصنع " النسيج الشعبي " كنا نعمل 12 ساعة في اليوم مقابل جنيهات لا تكفي لطعام رخيص ، و مسكن قذر .
و رفضنا أنا و ناني أن نبيع أجسادنا كبنات الليل المنتشرات هنا ، كنت أحلم بالسفر إلى بريطانيا بلد أبي المجهول ، كنت أشعر بالقرف من كل ما يحدث هنا ، و كنت أشعر بالاشمئزاز من كل الرجال بعد ما حدث لي من واحد منهم .
و ماذا حدث ؟
كنت في الثالثة عشرة من عمري ، أصيبت أمي بنوبة قلبية حادة ، و لم أدر ماذا أفعل ، طلبت أمي أن استغيث بالجيران ، و طرقت باب أحدهم ، كنت في قميص نومي ، و كان جسدي قد بدأ يعبر عن نفسه ، و صدري يفصح عن قدرته ، و طرقت الباب ، و فتح لي الباب رجل اقتربت سنواته من الأربعين ، حاول أن يغتصبني ، لم أكن أعرف شيئا ، استسلمت من الخوف ، و رقدت جثة هامدة فيها القليل من الحياة ، و على بعد خطوات كانت أمي ترقد جثة هامدة و قد فارقت الحياة و ما علاقتك بـ ابراهيم ؟
كان رئيسي في العمل عمره يقترب من الخامسة و الثلاثين ، يتحكم في مصائر كل العاملات في المصنع ، يستطيع أن يفعل بنا ما يشاء ، تعرف بصديقتي ناني ، و زاد اقترابا منها ، كنت أشعر أن هناك شيئا خفيا يربط ناني بهذا الرجل ، حتى عرفت أنه قد فدر بها ، أخذ منها ما أراد ثم أخذ يبحث عن فريسة أخرى ، و كنت أنا التي وقع اختياره عليها .
كنت اضبطه وهو يختلس النظرات إلي ، كانت نظراته تتسلل ، و تخترق منحنيات جسدي ، كنت أشعر أن هذه النظرات تخلع عني ملابسي و تعريني ، و كنت ألعن كل شيء حتى الطبيعة التي منحتني الجسد الشهي ، كنت أغلي غيظا ، و حقدا على هذا الرجل ، و تذكرت ما حدث ناني ، كيف كانت البداية ، و كيف كانت النهاية ؟ كان ذلك منذ شهرين تقريبا
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حينما دخلت ناني تترنج ، كانت نظراتها غريبة و تائهة ، رمت جسدها على السرير
سألتها أين كنت ، قالت بسخرية شديدة أن ابراهيم كان بعطيها درسا في النظرية السياسية ، لم أفهم كلامها إلا حينما خلعت ملابسها ، و أدرمت ما فعله بها الحيوان ، كانت هناك علامات زرقاء و سوداء تغطي جسدها كله ، كانت تتحدث بهستيرية و ترتعش بطريقة لا تطاق ، و هي تحدثني عن التفاصيل .
و لم يكن هذا سوى البداية ، ثم تكرر لقاء ناني بهذا الرجل القذر عدة مرات ، أما النهاية فقد كانت بعد أن عادت ناني من أحد لقاءتها ابراهيم ، استيقظت من نومي شممت رائحة الموت تعبق المكان ، قفزت من فراشي بفزع لأواجه الحقيقة المؤلمة .
كانت ناني قد قطعت أوردة يدها اليمنى ، تجمع دمها في شكل بحيرة صغيرة حط الذباب عليها ، و ماتت ناني ، و بجانبها رسالة كتبت فيها ، إنها كانت تفعل ذلك حتى تحافظ على عملها الذي كان يتحكم فيه ابراهيم ، و عندما شعرت أن هناك طفلا يتحرك داخل احشائها ، لم تجد أمامها سوى الانتحار .
و حرقت الرسالة ، و كان شيئا لم يكن .
وبعد أسبوع واحد بدأ ابراهيم يلعب معي نفس اللعبة القديمة التي لهبها مع ناني ، ففي مساء اليوم التالي جاء الشيطان ووقف بجانبي في المصتع ، بدأت أشعر بيده الذرة تتحسس جسدي ، لقد كان علي أن أخذ مكان ناني ، و بدأت أتعب أنا الآخرى .. همست له :
ليس هنا
سوف تأتين الليلة لتأخذي درسا على يدي .
ليس الليلة ، إني أشعر بتوعك
و في الٍبوع التالي ، و في الليل بدأت أتحسس طريقي عبر الشوارع الخالية ، حتى و صلت إليه ، هتف بي :
تعالي إلي يا صغيرتي . و تسللت دراعاه لتحيط بخصري ، و جذبني إليه بشدة ، ثم قال :
أنت أكثر خبرة من الفتاة الغبية ناني ، لذلك فأنا واثق بأنك ستريحني تماما
و بعد كأسين من الخمر ، سحبني إلى الفراش ، و ببطء شديد بدأت أخلع ملابسي قطعة ، قطعة ، كنت أحاول رغم كل قرفي الشديد منه ، و من كل الرجال بعد ما حدث لي معهم أن أثيره ، و لما بدأت أخلع نصف ملابسي حتى فقد صبره ، ن و جذبني بشدة إلى الأرض ، و احتواني تماما ، و امتد إلى ل مكان في جسدي مثل العنكبوت ، و حين تأكد إنني طوع بنانه ، أخرجت موس حادا كنت قد ألصقته بنعل حذائي ، و طعنته برقبته .
كانت صورة الرجل العجوز الذي اغتصبني تمثل أمامي ، و كانت صورة ناني و صورتي و أنا لا حول لي و لا قوة ، ة الرجل يعتصرني تدفعني لأن أزيد من ضرباتي للخنزير القذر ابراهيم
وصدر منه هدير مربع ، و أرتطمت راسه بالأرض ، نظرت إليه لأول وهلة بخوف و رعب ، و شعرت بأطرافي تتجمد ، و لكني كنت سعيدة ، لم أنتقم من ابراهيم فقط ، بل انتقمت أيضا من العجوز النذل الذي أباح لنفسه اغتصاب فتاة في الثالثة عشرة .
و عدت إلى صوابي ، و جريت ، و جريت ، و كلما ابتعدت عن منزله كان ذلك حافزا لي على الجري .
و عندما ذهبت إلى المصنع ، بعد ذلك عرفت أن الشبهات تحوم حولي ، فقررت الهرب بعنقي و جسدي ، من حبل المشقة .
سألها المحقق :
من الذي قدم لك جواز السفر المزور ؟
ردت هيفاء في اصرار و عناد :
إنه الإنسان الوحيد الذي قابلته و لم يطلب مني شيئا ، لكن أقول لكم من هو ، و لا تحاولوا استدراجي لذلك .
و قدمت هيفاء للقضاء ، و قرروا اعدامها ، و في السجن الانفرادي رفضت الطعام و الشراب ، و قبل أن تعدم جاءوا لها بالشيخ لتعترف له ، و ليصلي بها ، لكنها كانت محطمة منهارة ، فبصقت في وجه الشيخ ، و كانت آخر كلماتها :
إن الشيخ الوحيد الذي عرفته هو حنفي
و كان هو اسم الرجل الوحيد الذي احترم هيفاء ، و قدم لها كل شيء بلا مقابل